هل خلق الإنسان من أجل القانون أو أن القانون هو الذي خلق من أجل الإنسان؟ و قد يجاب عن ذلك تارة بالرأي الأول (وما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون) و تارة بالرأي الثاني (من اهتدى فإنما يهتدي لنفسه)، (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج و لكن يريد ليطهركم و ليتم نعمته عليكم لعلكم تشكرون)
فلنقرب ما بين هذين القولين، بحقيقتهما النسبية، و لسوف نحصل على الحقيقة المطلقة، فالإنسان وجد من أجل تنفيذ الشرع، و لما كان الشرع قد وجد من أجل الإنسان، إذن فالإنسان وجد من أجل نفسه. و الشرع غاية، و لكنه ليس الغاية الأخيرة، إنه ليس سوى حد وسط بين الإنسان، كما هو، ناشئا يتطلع إلى الحياة الأخلاقية، و مصارعا من أجل كماله، و بين الإنسان كما ينبغي أن يكون، في قبضة الفضيلة الكاملة. و الشرع أشبه بقنطرة بين شاطئين، نحن نقطة بدايته، و نقطة نهايته، أو هو أشبه بسلم درجاته مستقرة على الأرض، و لكن يعد من يريدون تسلقه أن يرفعهم إلى السماء.0