يحق لنا السؤال عن تفسير تلك المصادمات العنيفة، التي ظهرت في التاريخ غير مرة، بين العلوم والأديان، لا نعني الصراع الصوري الذي يستغل في اسم العلم أو الدين أحيانا، ليكون ستارا للمقاصد الخفية، والمطامح المختلفة، من الثروة، والنفوذ، والجاه، وسائر المصالح العاجلة، كما لا نعني الصراع الحقيقي الدائم بين النزعات الروحية السامية، التي تدفع إلى التضحية وضبط النفس والاعتدال، وبين النزعات المادية المضادة التي تهدف إلى الفوضى والإباحة والاستئثار، وإنما نطلب تفسير تلك المعارضة الفكرية التي تقع بحسن نية بين المعسكريين العلمي والديني، فتقف كل واحدة منهما موقف التكذيب والإنكار لما عند الآخر.