لا تُحِبُّ الأشجارُ لونَ أوراقِ الكتُبِ الصفراء ..
لأنَّها تُذَكِّرُها بالموت ..
كذلك، هذا الحَفيفُ الذي يسمعُهُ المُرهَفونَ للشَّجَر:
يكرَهُ أورادَ المُتَبَتِّلين ..
لهذا
التصقتُ أمسِ بسِنديانةٍ عملاقة ..
ولم أتكلَّمْ إلى الآنْ.
كنتُ أسمعُ جوقةَ مُنشِدِين وأنا أكتبُ هذا النَّصّ .. لم أكن أراها .. لكني كنتُ أسمعُها .. لم أكن أعلمُ مصدر الصوت .. ورأيتهم ينظرونَ إليَّ في حزنٍ حين صرَّحتُ بأن الحفيف يكرهُ أوراد المتبتلين .. يالَحُزنِ الكائنات! ربَّما كانت كلُّ وساطاتِ العقل لتفهُّمِ الأشياء بائسة .. ربَّما كان العقلُ نقمة .. المنشدون يحبُّون أن يتماهَوا مع الشجر .. لكنهم توسطوا إلى ذلك بعقولهم، فلم يُصبحوا شجرًا ولم يدركوا سِرَّ الشجَر .. كيف لي أن أدركَ الأشياءَ في ذاتِها؟ أن أتماهَى معها؟؟ هل من طريقٍ إلى حدسٍ أزليٍّ أبديٍّ صامتٍ مُقَدَّس؟ أنا في بدايةِ الجُنون!
* * *
من رواية (كلام) - الفصل الثاني (صلاح/ الإثمُ وردةٌ ذهبية)
محمد سالم عبادة