فِعْلاً أرضُ المدينةِ تعودُ بكَ لآلافِ السّنين مِنْ غيرِ أنْ تأخذَ إذنَكَ، إنّها تأخذُكَ قَصْراً بلا استئذانٍ إلى أماكنَ تباهَتْ بقدَمِ الحبيبِ المُصطفى صلى الله عليه وسلّم يباركُ ترابَها، و بشجرٍ لامستْ أوراقُه كفَّ الحبيبِ . أأغبطُكِ أيّتها الأرضُ وأيُّها الشّجرُ والرّملُ والحصى! شاهدتِ ما فاتَني رؤيتُهُ، وتنعّمْتِ برؤيةِ مَنْ لا أحلمُ بلقياهُ إلا في الجنّة؛ إنّ روحي تستشعرُ هُنا أقدامَ الصّحابةِ وتضحياتِهم ومواضعَ خيولِهم وأصواتَ هتافِهم. ما أجملَكِ يا مدينةَ رسولِ اللهِ. و ياالله! ما أروعَ وفاءَ الصّحابةِ رضوانُ اللهِ عليهم أجمعِين: فامضِ لما أردتَ فنحنُ معكَ، فو الّذي بعثَكَ بالحقِّ لو استعرضْتَ بنا هذا البحرَ فخضتَهُ لخضناهُ معكَ بمثلِ هذا الوفاءِ ووضوحِ الهدفِ كانَ جوابُهم معَ أنَّ قبائلَ شبهِ الجزيرةِ عموماً ويثربَ خصوصاً لم يخوضُوا بحراً قطّ ! حماسٌ لم يْخبُ عبرَ السّنين بلْ يزدادُ اشتعالاً وتأجُّجاً، لأنّهُ لم يكنْ وليدَ لحظةٍ، بلْ كانَ نتيجةَ تفكيرٍ عميقٍ واقتناعٍ عقليٍّ ثمَّ استقرارٍ في القلبِ، فتحرّكَتْ جنودُ القلب مصدّقةً عمّا عقدَ في القلبِ فاندفعُوا في سبيلِ اللهِ لا تقفُ أمامَهم عقبةٌ.
أمل أحمد طعمة