عبر أربعة عشر قرنا من الزمان، اختلف المسلمون في مذاهب السياسة، والفقه، ولم يختلفوا في لب الدين وجوهره. لم يختلف المسلمون في وحدانية الله، والشهادتين، ولم يختلفوا في أن القرآن الكريم نزل من عند الله تعالى. ولم يختلف المسلمون في أصول الفرائض، كالصلوات الخمس والزكاة والحج والصوم ولا في طريقة أداء هذه الفرائض، ولا في المحرمات، ولا في القواعد العامة للميراث. ولكن المسلمين اختلفوا، واختلافهم شر كله، حول بعض العقائد، وحول السياسة، فكانوا فقرا متناحرة بالرأي والسيف، وبالتكفير وتحريم التفكير على من سواهم. اختلفوا، وأخذ خلافهم طريقين: طريق علمي لم يفرق الأمة، وطريق عملي فرق الأمة، وأذهب وحدتها بين أفرادها وأسرها، في السياسة وشئون الحكم وبعض العقائد. ويرجع الإمام الشيخ الجليل محمد أبو زهرة هذا الخلاف في كتابه القيم تاريخ المذاهب الإسلامية إلى العصبية العربية، وهي جوهر الخلاف بين المسلمين في تاريخهم الإسلامي، مع أن الإسلام حارب العصبية بنصوص القرآن والسنة، فعادت العصبية الجاهلية إلى حياة العرب الذين أسلموا من العلويين والأمويين والهاشميين والربعيين من الخوارج. وأدت هذه العصبية إلى التنازع على الخلافة منذ الخلاف الأول بين المهاجرين والأنصار. سليمان فياض