والأعوام الثلاثون الأخيرة من عمر دولة بني أمية، كانت أيام تخطيط وتنظيم وتآمر، اشترك فيها العلويون - الذين قتل منهم بنو أمية المئات، ومن أتباعهم الشيعة عشرات الألوف - مع العباسيين الذين ملأ الحزن قلوبهم لما يلقاه العلويون، وهم من بني هاشم، من تعذيب وتقتيل، وانتشر الدعاة لآل البيت - بني هاشم - في فارس وخرسان، خاصة، وبلاد العالم الإسلامي عامة، يدعون للرضا - أي لمن يرضاه الناس - من بني هاشم، من العلويين أو العباسيين، وكل من العلويين والعباسيين يُضمر أن تكون الخلافة له دون سواه. توج التخطيط والتنظيم والتآمر، يُسانده اليمنية ضد المضرية، بسقوط مروع وسريع لدولة بني أمية، وللخلافة الأموية الوراثية الاستبدادية القهرية، فارتفع العلم العباسي فوق دمشق والكوفة، وطورد مروان بن الحكم آخر خلفاء بني أمية، حتى قتل في مصر. وراح أبو العباس السفاح، المؤسس الأول للدولة العباسية، يتتبع كل أموي لقتله، وكل وال أو عامل للأمويين لقتله، وكل نصير للأمويين لقتله، بعد أن يُساموا بالسياط سوء العذاب. كان بنو هاشم جميعا عباسيين وعلويين يُضمرون لبني أمية عداء قديما منذ أيام الجاهلية، وعداء باقي الأثر، لم تزده الخلافة الأموية وأفاعليها ببني هاشم إلا تفاقما وازديادا. وأذكى نيران هذا العداء في بني هاشم، أشعار الشعراء، وأقوال رجال البلاط، مُذكرين أبا العباس السفاح، ومن جاء بعده من خلفاء بني العباس، بما فعله بنو أمية، من سفك لدماء آل بيت الهاشميين. وكان آخر، وأخطر دم سفك، في رأي أبي العباس السفاح هو دم أخيه إبراهيم الإمام، قتيل حراز في عهد مروان بن الحكم، آخر خلفاء بني أمية، وكان إبراهيم الإمام هو الداعية المرشح من العباسيين لخلافة دولة بني العباس، وكان قد نجح في استقطاب اليمنية والفرس، وأهل خراسان لكنه قتل، وانتقاما لمقتله قتل عبد الله بن علي، عم أبي العباس السفاح، ثلاثمائة أموي، بينهم إبراهيم بن الوليد، أخو الخليفة يزيد الناقص، ولقد بعث هذا العم إلى أبي العباس السفاح باثنين من الأمويين لهما شأن كبير، هما يزيد بن معاوية بن عبد الملك، وأخوه عبد الجبار، فقتلهما السفاح، وصلبهما على شاطئ نهر أبي قرطس بفلسطين، وقدم إثر قتلهما للقتل خلق كثير - 200 قتيل - من بني أمية الهاربين. سليمان فياض