تنعقد الإمامة ببيعة أهل الحل والعقد من العلماء والرؤساء ووجوه الناس، وهذا هو الأصل الذي ينبغي أن تكون عليه الإمامة في كل حال، وأجازوا للإمام متى خشي التنازع في الإمامة من بعده ورأى في أحد رجاله الكفاية، أن يعهد إليه بها قطعاً للفتنة، ولم يجيزوا لأحد أن يتولى أمرها دون أن يبايعه أهل الحل والعقد، أو يعهد إليه بها الإمام، وإن قام مسلم ذو قوة فتولاها بالقهر والغلبة، فإن كان جامعاً لشروط الولاية من نحو العلم والعدل والاستقامة كان إقراره أسلم عاقبة من منازعته، وليس في إقراره من بأس ما تحققت فيه شروط الولاية، فالفقهاء يجيزون ولاية المتغلب على معنىأنه بعد القهر والغلبة يعد إماماً لتحقق شروط الإمامة فيه، ولأن منازعته تفضي إلى فتنة ليسوا في حاجة إلى إثارتها. فإن فقد منه بعض شروط الولاية منتخباً كان أو معهوداً إليه، أو متغلباً، فمن الشروط ما يكون فقده مسقطاً للولاية بنفسه كالارتداد عن الدين، واختلال العقل، ومنها ما يستحق به العزل بإجماع كالفسق، ومن الفقهاءمن يعد الفسق في الحل والعقد بخلعه، أما القيام على الفاسق وإبعاده من مقر الولاية باليد، فمكول إلى اجتهاد أهل الحل والعقد، وهم الذين يسلكون ما تقتضيه الحكمة وتستدعيه مصلحة الأمة. محمد الخضر حسين