القوة منزوعة القيمة دين، ولا أشك أنه لو كان لهذا الدين أنبياء= فخاتمهم نيتشه، وليس زمان أولى أن يعتنق الناس فيه هذا الدين أو يشركون فيخلطونه بدينهم مثل أزمنة ضعفهم وهزيمتهم. لابد أن يكون هيجل ابن قومية ممزقة مشتتة مهزومة، فلا منطق يجعله يعتبر نابليون روح التاريخ متجسدة على ظهر حصان= إلا منطق الهزيمة والانكسار النفسي. ولا يمكن لأمة عظيمة كالألمان أن تسلم قيادها لأيديولوجيا حمقاء كالنازية يقودهم بها كالعجماوات مجنون كهتلر= لولا أنها خرجت قبلها من الحرب مهزومة مكسورة ذليلة. أنت تستبشع هيروشيما ونجازاكي، لكن الصيني الذي قتل اليابانيون من قومه مائة ألف في يوم واحد= لا يراها بشعة. نعم. بمجرد ما يلوح للمهزومين بصيص قوة وسط ظلمة انكسارهم= يحرف الناس أديانهم ويحتالون على قيمهم بسائر ألوان الحيل، ويتعبدون جميعاً في محراب نيتشه. لما ذكروا لنابليون (الله) قال: إن الله مع المدفع الأقوى، وهكذا عبيد القوة يجعلون الحق تابعا لها، ويخطون بالسيف سطور الكتاب، ولو أتاهم النبي لم يؤمن له أحد، ولو أتاهم النبي وقد قتله قومه= لقالوا: ما وعدنا الله ورسوله إلا غروراً. أما من لم يُسترق دينه وتستعبد قيمه لصالح القوة= فيعلم أن الحق لا يقوم إلا بقوة، وأن الله لا يحاسب صاحب حق عجز عنها، وأن قوة لا حق معها ليست إلا سلطاناً إبليسياً، ولو لبست إحرامها وزعمت أنها تحج البيت وتقصد الله. إن القوة تابعة للقيمة، إن السيف تابع للكتاب، وإن الفوز حسنة باقية وليس هو ضجيج أو غلبة أرض لا حق معها. الدنيا للسيف، كان معه الكتاب أم لا.. أما الآخرة، فالله يقول: تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علواً في الأرض ولا فساداً والعاقبة للمتقين. أحمد سالم أبوفهر