ونحن نجد في التضخيم والتركيز على بعض الأحداث والنماذج المشوهة، واخفاء واستبعاد ما عداها= رغبة واضحة في تصوير الأمور كما يراد لها أن تكون لا وفق ما هو كائن بالفعل، وهو ما يكشف بطبيعة الحال، عن المصالح القوية وشبكات العلاقات التي تخدمها هذه الأجهزة الإعلامية. ووفق نفس الرغبة في التضخيم نجد التنميط المتعمد لصورة الإسلامي واختزاله في صورة بعينها تكاد تكون حاصرة للإسلامي في صورة العدو، وفق ثنائية العدو الفعلي والعدو المحتمل، وهو ما يخدم مصالح صانعي الصورة. وقريب من فكرة توجيه الإدراك ما يسمى بتكوين الانطباعات الأولية (Priming) من خلال أجهزة الإعلام. فالارتباط الشرطي بين الإسلاميين رغم تنوع تياراتهم، وبين عمليات عنف معينة، والربط بين الإسلاميين وبين إهدار حقوق المرأة، وبين الإسلاميين وبين الانتهازية السياسية، أو الرياء وعدم الإخلاص للقضية، وبين الإسلاميين وبين الشهوانية النسائية، وبين الإسلاميين وبين سوء الأخلاق وخلل التعاملات المالية،كل ذلك يترك مجموعة من الانطباعات عند المُشاهِد، هي التي تُشكِّل بعد ذلك طبيعة تلقيه وتعامله مع هذا التيار. ومثل ذلك الربط بين الحداثة والطبقات الاجتماعية الراقية، وبين الإسلاميين كظاهرة ريفية تهدد مَدَنية الدولة ومَدِينِيتها يستلهم نفس العلاقة بين دول المركز ودول الأطراف / المدينة والريف، وبالتالي يحصر الإسلاميين في نمط معين ويربطهم ببقعة معينة بجهلها وفقرها ومرضها؛ لتجسد كافة المبررات للتمسك بالنموذج الحداثي ونمط الحياة الغربي والقتال دونه. ومثل ذلك أيضاً الربط بين رفض الحداثة العلمانية وبين التخلف العمراني والتقني كما في فيلم (المملكة)، وكذلك في فيلم (الإرهابي)، وكذلك في فيلم دم الغزال لوحيد حامد حين تم توظيف مصطلح جمهورية إمبابة والذي أطلق على هذا الحي الشعبي في القاهرة لسطوة الإسلاميين فيه مطلع التسعينات، ؛ ليعطي نموذجاً تمثيلياً عن دولة البلطجة والفقر والهمجية، ودولة قطع الأيادي لا للسرقة وإنما لتخليص حسابات قديمة، وحينها تكون جمهورية إمبابة برعاية الشيخ جابر هي نموذج الدولة الذي يعدك به الإسلاميون عزيزي المشاهد. أحمد سالم أبوفهر
اقتباسات أخرى للمؤلف