والإسلام في القرن السابع الميلادي لم يحرر المرأة، لكنه وضع حجر الأساس لذلك، متماشياً مع تطور المجتمعات دون قفزات نوعية لا يمكن احتمالها، فأعطاها الحق السياسي منذ أول يوم للدعوة، وحضرت النساء بيعتي العقبة الأولى والثانية، اللتين تعتبران بمثابة المؤتمر التأسيسي لقيام الدولة الإسلامية في المدينة، وسمح للمرأة أن تقاتل وتهاجر وتناضل ولم يقل لها التزمي بيتك، فالنبي (ص) أقام دولته وحكم وفق حدود الله ووفق ما يتناسب مع مجتمعه ومع ظروف التطور التاريخي، ولو كانت هذه الظروف تسمح بإقامة مجالس تشريعية ربما لوجدنا فيها نساء، لكن الخطأ الكبير الذي حصل هو الظن بأن ما حصل في عهد النبي هو كل ما يحق للمرأة أن تفعله، وكون المرأة في ذاك العصر، حيث وسائل المواصلات شبه معدومة، لا يمكنها السفر وحدها دون محرم، يعني أنها اليوم أيضاً بحاجة لمحرم كي تسافر، وبحاجة لولي كي تتزوج، وإلى كل ما هنالك من أمور شرعها النبي، ضمن مقام النبوة وليس الرسالة، لمجتمعه في ذاك الوقت، فجرى اعتبار كل اجتهاداته ضمن تقييد الحلال وإطلاقه، ديناً صالحاً لكل زمان ومكان، وتم ضم كل ما نهى عنه إلى المحرمات التي وضعها الله تعالى وأغلقها، متناسين أن هذه اجتهادات ظرفية مرحلية لا تحمل الطابع الأبدي، ومعظمها استند على مرويات حتى لو صحت، فإنها متعلقة بعصرها ولا تتماشى مع غيره.
محمد شحرور