والتهم التي تلقى بغير بينة كاتهام الناس بالغرور أو الكبر أو الاستعلاء بالعلم، فوق أنها بهتان لا بينة عليه = فهي نوع من الحيل الدفاعية النفسية؛ فنحن نحب المسارعة لاتهام الناس بهذا؛ كنوع من تخدير النفس عن واقعها السيء، فالنفس تعيش حالة إنكارية لواقعها السيء الذي يدلها عليه مخالفها، ولا تريد أن توطن نفسها على قبول النصيحة؛ فتبطر الحق الذي جاءها به، وتفزع إلى تهمته والقدح فيه وذكر نقائص حاله كما تتوهمها. نوع يشبه تعزية الفقير لنفسه بأن هذا الغني أو ذاك فاسد ولا شك، وهذا العزاء لا ينفعها؛ فلا هو صدق كله، ولا هو ينفي حقيقة الواقع السيء الذي تعيشه هذه النفس. ليس التواضع باللباس، ولا بتخاشع الصوفية، وطأطأة الرؤوس في الأرض، وليس الكبر بيان الحق وإنزال الناس منازلهم التي هم عليها بالبينة التي لا يطيقون إنكارها، وليس هو الاشتداد على من يتعدى حرمات الله ولم ينفع معه اللين، وليس هو ذكر الرجل نعمة الله عليه وتعريفه نفسه لمن يجهل عليه، وليس الثناء على النفس للحاجة بما فيها مذموماً إلا على أصول الصوفية. الكِبْرُ بَيَّنه رسول الله بياناً لا لبس فيه: بَطَرُ الحقِّ وغَمْطُ الناسِ، احفظ هذا ودعْ عنك وسوسات الصوفية وأفهام العوام. الكبر بطر الحق وغمط الناس، وأكثر ما يستفز الناس أن تصف لهم أحوالهم، وهم لا يطيقون إنكار أنها أحوالهم، فلم تغمطهم ولم تنزل بهم عن منزلتهم، لكن النفس تحب الثناء وتكره ما يكون في الصدق من العناء. طبق هذا التعريف النبوي على من يدخل فيما لا يحسن ويأنف أن يقال له أنت دخلت فيما لا تُحسن، ولم يكتشف نقائص ناصحه إلا بعد أن نصحه وقال له أنت دخلت فيما لا تحسن = تصل إلى معرفة من المستحق لاسم الكبر. وإذا كان الكبر في القلوب، والتواضع على اللسان وفي اللباس= هلك الناس . أحمد سالم أبوفهر