جلست في مكانها زمنًا ليس بالقصير، وذهبت بأحلامها إلى مستقبل لمست بيدها سواده: أحلام داهمة لا تفسير لها حلّت من نفسها مكان العقيدة لا تعرف لها معنى ولا سببًا، ولكنها تؤمن بها ولا يداخلها فيها الشك ولا الريبة. تؤمن بالسوء تحمله معها الأيام الآتية إيمانها بالنار وعذابها، وكأنما دار ذلك الزوج الذي يريدون لها قبر تحتله زبانية الجحيم، وكلهم ينتظرها بعيون براقة يوقدها خط النار ذات اللهب. في تلك الساعة المملوءة بالحزن والألم رفعت زينب رأسها إلى السماء كأنما تريد أن تشكو إلى عدالتها ظلم الكون والإنسانية، أو تبرأ إلى الله من جمعيتها الغاشمة التي تريدها على ما لا تحب. حتى أبوها كانت تعتقده رجل الخير والصلاح يلوح عليه أنه يبتسم لهذه الإشاعة المنكودة. رفعت طرفها وعيناها ممتلئان بالدمع، وقلبها يرجف، وبدنها يرتعد... محمد حسين هيكل