وقفت عند كوة الحياة لا أدري لماذا أقف ومن ذا أوقفني هناك . و إذا الناس في السبيل يمرون فأخذت أتفحص الوجوه منهم والحركات لعلي أعثر على مايجعلني مختلفة عنهم وهم مختلفين عني ، ولعلي أدرك ماهذا الذي يطلب مني رغم حداثتي وحيرتي وجهلي وقلة اختباري . فصرت أعجب بالناس و أغبطهم على مالديهم وليس لي أن أفوز بمثله، و أتعزى بمظاهر الكآبة عندهم لتكون تلك المظاهر صلة ولو واهية بيني وبينهم، على أني لم أزدد إلا شعوراً بحيرتي وعجزي ، لم أزدد إلا شعوراً بأني خيال لا ضرورة له ازاء تلك الأقوام الفرحة الضاحكة مع أن هذا الخيال يطلب منه شيء كثير لا يدري ماهو . فظننت لحظة أني وصلت إلى قرارة اليأس و أني شربت كأس المرارة حتى الحثالة . ثم أوحي إليّ بأن هناك وجوداً غير ملموس يدعى السعادة . شعرت باحتياج محرق إلى التعرف إليها والتمتع بها، ففهمت أنه ليس أقسى على النفوس في انفرادها وسكوتها وعجزها عن تلقي ذلك الوحي العنيف والشعور بذلك الاحتياج العميق . مي زيادة
اقتباسات أخرى للمؤلف