لا جدال في أن انفصام الشخصية الظاهر جدا في الشخصية الشرقية جاء نتيجة لحكم الطاغية الذي يعتمد كما رأينا مرارا علي مبدأ الخوف وبث الرعب في قلوب الناس, فلا يستطيع أحد أن ينتقد أو يناقش ولا أن يفكر بصوت مسموع, فيلجأ إلي الرياء والنفاق والتملق في الظاهر, ولايفصح عما بداخله إلا إذا اختلي بصحبة يثق فيها, وهكذا يعتاد أن تكون له شخصية ظاهرة علنية هي التي تقول نعم بصفة مستمرة, وشخصية خفية مستترة يمكن أن تقول لا في أوقات خاصة! سوف ينعكس هذا الانقسام في جميع سلوك الفرد وتصرفاته بحيث يكون نمطا للشخصية: فتراه أولا يهتم بالشكل دون الجوهر, فيكون تدينه زائفا لا يأخذ من الدين سوي جانبه الظاهري السهل ويترك الجوهر الذي يتجلي في الصدق والإخلاص والأمانة والتعاون والضمير والعدل والإحسان.. . إلخ. وتراه ثانيا يفصل نفسه عن وطنه: فالحكومة والشرطة والصحافة شيء ومصلحته هو الخاصة واهتماماته شيء اخر. وهذة القسمة راجعة إلي أنه لم يشترك في حكم بلاده, ولا في تشريع القوانين التي يخضع لها, ولا في إعداد الخطة التي يسير عليها.. .إلخ فذلك كله كان متروكا للقائد الملهم!.. إمام عبد الفتاح إمام