أيتها الرياض النضرة .. أيتها الورود الناعمة الضاحكة ... أيتها الروائح المسكرة العبقة ... لشد ما يطربني وينعشني أن أجدني غريقاً فيما بينكم ، ملفوفاً بتحنانكم ، ولكني ما انتعشت منكم بشيء أكثر من الأمل ... الأمل ..! أقرؤه في تماوج العشب مع الرياح السارية ، وأجده في انبعاث روائح منعشة شتى من تلك الورود النضرة ، وأسمعه من حفيف الأغصان وتصفيق أوراقها الرقيقة الخضراء .. أجل ...إنه الأمل الذي صورته يد الخلاق ، إذ أنبتكم من طوايا أرض مظلمة جامدة ، أبدع حياة الأرض من موتها ، وأخرج زينة الدنيا من كآبتها ، وأظهر أرق ما في الكون من قسوته وصلابته .. يا من استوى في خلقه الأمل واليأس ، وتلاقى في تقديره الموت مع الحياة .. يا منشئ النور من الظلام ، ومبدع الفرح من الأحزان .. يا من هذا سر لطفك وطعم إحسانك وحنانك يا إلهي : كيف أيأس إذاً و أنت ربي ، أم كيف لا ينعشني الأمل وأنت حسبي .
محمد سعيد رمضان البوطي