(وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَاناً إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيراً). أرأيت لو أنك لم تدعو لأبويك بهذه الرحمة وقد قاما بما ينبغي من شؤونك والنهوض بتربيتك، لا بد أن يكرمهما الله بالرحمة دعوت أو لم تدعو، لكن الله يعلمنا الوفاء، يعلمنا الله سبحانه وتعالى أن نكون أوفياء تجاه آبائنا؛ أي أن الله يسلكنا في مسالك الأخلاق الراشدة. أبواك أسديا إليك هذا المعروف، فعلا ما فعلا أتعبا أنفسهما في صغرك من أجل أن ينهض منك شابٌ سعيد بحياته، مستقيمٌ في سلوكه، ألا يستحق منك كلمة تعبر بها عن وفائك لهذا الاهتمام. أجل .. ما الكلمة التي تعبر بها عن وفائك لأبويك أن تدعو الله لهما بهذا الذي علمك الله إياه، فكذلك صلاتنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل والنهار. إن هي إلا لسان وفاء نرحل به إلى الله عز وجل نقول له: يا رب .. لولا رسولك هذا ما عرفناك، لولا رسولك هذا ما التزمنا بهديك، ما عرفنا صراطك، ما عرفنا الحق من باطل. فاللهم إنا نسألك أن تزيده فضلاً على فضل وأن تزيده إكراماً على إكرام، هذا معنى صلاة العبد على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم.
محمد سعيد رمضان البوطي