و ليس لك أن تتوقع ملاحقة الخطاب الرباني بمثل هذا التهديد [{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ}], لأناس لم يدخلوا مع الله في عقد الإيمان به و الانقياد لحكمه فأخذوا حظهم من الأهواء و المحرمات و الإعراض عن الواجبات, كما لا ينبغي أن تتوقع نزول العقاب الرباني بهم في دار الدنيا، إلا إن كنت تتصور أن انقيادهم للواجبات السلوكية مقبول و مثاب عليه من الله تعالى حتى مع كفرانهم و جحودهم به، و أن ابتعادهم عن المحرمات مأجور من الله عليه حتى مع عدم إيمانهم به و مع عدم اكتراثهم بشرائعه، و لا يتصور ذلك إلا محجوب عن الدين و حقيقته غائب عن القرآن و عن سنن الله في عباده، لم يطرق سمعه قول الله عز وجل: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاءً حَتَّى إِذَا جَاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئًا وَوَجَدَ اللَّهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ (39)}، أو قوله تعالى: { وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23)} .
محمد سعيد رمضان البوطي