حين يدافع الإنسان عن عقيدة من عقائده المذهبية يظن أنه إنما يريد بذلك وجه الله أو حب الحق والحقيقة، وما دري أنه بهذا يخدع نفسه، إنه في الواقع قد أخذ عقيدته من بيئته التي نشأ فيها، وهو ولو كان قد نشأ في بيئة أخرى لوجدناه يؤمن بعقائد تلك البيئة من غير تردد، ثم يظن أنه يسعى وراء الحق والحقيقة. لم يبتكر العقل البشري مكيدة أبشع من مكيدة الحق والحقيقة، ولست أجد إنساناً في هذه الدنيا لا يدعي حب الحق والحقيقة، حتى أولئك الظلمة الذين ملأوا صفحات التاريخ بمظالمهم التي تقشعر منها الأبدان، لا تكاد تستمع إلى أقوالهم حتى تجدها مفعمة بحب الحق والحقيقة، والويل عندئذ لذلك البائس الذي يقع تحت وطأتهم، فهو يتلوى من شدة الظلم الواقع عليه منهم بينما هم يرفعون عقيرتهم هاتفين بأنشودة الحق والحقيقة. علي الوردي
اقتباسات أخرى للمؤلف