محاولة أخري لتفسير اللي بيحصل: إن في الدنيـا أحداثا يختلف ظاهرها عن باطنها، يبدو الظاهر مأساة على حين ينطوي الباطن على حقيقة الرحمة، أو يبدو الظاهر خاليا من العقل والتدبيـر يشي الباطن بالحكمة العميقة. لنتـأمل معًا - أن السفينة التي خرقها العبد الصالح الغامض ترمز إلى كل ما يملكه الإنسـان ويحرص عليه من ماديات الحياة ولقمة العيش. - والغلام الذي قُتِل بغير نفس أو ذنب جنـاه يرمز إلى كل ما يقع على الإنسـان نفسه من ضرر أقصـاه القتل. - والجدار الذي أُعيد بنـاؤه كان رمزا عجيبا لما نتصور أنه عبث أو لا معقول وهو في حقيقته غاية الحكمة. وهكذا تكتمل الرموز الثلاثة.. إن الضرر الذي يصيب ما نملك.. والدم الذي يسيـل منا أو ممن نحب.. والعبث الذي نراه في الحياة حولنا هذا كله وراء حكمة عميقة.. هي الرحمة الإلهية الشاملة.. كل خراب ظاهر.. أو موت ظاهر أو عبث ظاهر.. ليس كذلك في حقيقته.. الحقيقة أنه جزء من نسيج الرحمة الإلهية.. وأي إنسان يصيبه شيء.. تخرق سفينة عيشه.. أو يقتل له طفل.. أو يموت له أحد، أو يرى العبث يملأ الحياة حوله.. فمـا عليه إلا أن يذهب إلى مجمع البحرين حيث ذهب موسى.. وليقف أمام الآية الستين من سورة الكهف.. ليقف هناك ويبكي ما شاء الله له أن يبكي.. فالبكـاء رقة في القلب وحنو ولتسقط الدموع بملح الصدق في ميـاه البحرين بملحهما.. وليركل بعد ذلك السفينة ويصاحب موسى والعبد. آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا . أحمد رجب
اقتباسات أخرى للمؤلف