مع كل بعث جديد لهذا الشهر يستيقظ في قلبي شئ .. شئ لست أدرك كنهه أو أعرف حقيقته .. شئ يشبه عذوبة الحب الأول .. أو يشبه غموض الأيام القلقة التي لا نعرف فيها هل وقعنا في الحب أو نتوهم ... أحس في الليلة الأولى من شهر رمضان أنني أرى من خلال النفس كل نفوس الآخرين في الوجود .. وينمو داخلي الحنين فأود أن أعثر على النملة التي كلمت سيدنا سليمان لأقبّلها .. وأتمنَّى أن ألقى الحوت الذي ابتلع يونس لأربت على رأسه .. وأحلم أن أجد الحمار الذي بعث أمام عُزَير لأحمله على ظهري .. وأفكِّر عبثاً في قبر الهدهد الذي حمل الرسالة لبلقيس وعاد ليحكي لسيدنا سليمان عن عبادتها للشمس ... أين يقع قبر هذا الهدهد .. أي روعة أن يبعث الهدهد لنتحدث قليلاً عن عبادة الشمس .. في بدايات شهر رمضان أحس نحو الكائنات ، كل الكائنات ، بالحب .. وأحس بالرفق والضعف إزاء قصص الحب الإنسانية والحيوانية والنباتية والجمادية .. ويملؤني إدراك للعلاقة بين تنهد القمر ومدّ البحر وجَزره ، كما أفهم سر الهوى المتبادل بين زهرة عبّاد الشمس التي تحول وجهها نحو أمّها ، حتى يجئ الليل فتنكس عنقها وتنام .. في شهر رمضان .. أشعر بأن كل شئ في الدنيا يقوم على الحب ، هو الناموس المسيطر الحاكم في الدنيا .. وإن أفسده الناس بالكراهية والرحيل .... أحمد بهجت