بينما التكاثر يعتمد على مراكمة أشياء وزيادتها دون حساب للقيم المحتواة فيها، فإن للكوثر مقياسا آخر يجعله زيادة في الخير فقط. إنه الخير الكثير كما فسرها ابن عباس وغيره. بعبارة أخرى: التكاثر هو الكثرة فقط، مراكمتها كيف كانت، أرقام بيانية تصعد، ولو كان صعودها سيؤدي إلى الهاوية. أما مع الكوثر، فليس الصعود محسوبا إلا إذا كان سيؤدي إلى تحقيق رقي في القيم الإنسانية. وبعبارة أخرى: التكاثر وقيم التكاثر تهتم - كمثال فقط - لزيادة الدخل القومي والاستهلاك ومعدلات الفائدة في البنوك، وتعد ذلك مؤشرا على التنمية. أما مع الكوثر: فالمهم هو الإنسان، علاقته مع نفسه، مع مَن حوله من مجتمع، مع الثوابت من قيمه، مع الله كمصدر أعلى ونهائي لهذه القيم. مع التكاثر: زيادة الدخل الكلي هو هدف بحد ذاته، حتى لو كان توزيع هذا الدخل يزيد من الهوة بين أغنى الأغنياء وأفقر الفقراء، ويزيد من التوتر الاجتماعي. مع الكوثر: الزيادة هي زيادة الخير فقط. هي تكثير الخير. إنه الفرق بين التنمية كخطوط بيانية تتحدث عن أرقام مجردة، وبين النماء الإنساني الذي همه الإنسان وقيمه. أي النهضة بعبارة أخرى. أحمد خيري العمري