كانت تجلس على الفراش الكبير مائلة في الحجرة شبه المعتمة بجسدها المنهك وشعرها الأبيض المربوط، عندما ارتفع صوت جرس التليفون في الفيلم المعروض بالتليفزيون في الصالة. وهى سمعت هذا الجرس وقالت: حد يرد على التليفون يا ولاد. ومالت إلى جانبها الأيمن، ولم تقم بعد ذلك ابدا. وفي الصالة، كان هو يجلس بجسده النحيل في جلبابه النظيف يتفرج على الفيلم الأبيض والأسود المعروض في التليفزيون، وعندما ضرب جرس التليفون وسمعها تقول: حد يرد على التليفون يا ولاد. رأى عباس فارس يقوم كمن يلبي نداءها، ويضبط الطربوش على دماغه ويرد على التليفون الموجود على المكتب البعيد، وهو ضحك واتجه الى الحجرة لكي يخبرها ان عباس فارس سمع كلامها ورد على التليفون، ولما وقف في فتحة الباب وجدها في العتمة الخفيفة وهى هكذا، اقترب منها ثم تراجع مسرعا وراح يحري على سلالم البيت بلحيته النابتة البيضاء وينزل السلالم..... ......وعندما جلس صامتا لفترة ثم حكي لمن بجواره انها كانت تطلب منه ان يرد على التليفون مع ان التليفون اللي ضرب كان في الفيلم وليس في الصالة. كان يروي الحكاية كلها لمن يجلس الى جواره او يربت على كتفه معزيا، ثم يلتفت اليه بعينين دامعتين، ويبتسم.
إبراهيم أصلان