يقدم لنا الفكر التقليدي قالبا واحدا للمتدين مثل الزي الموحد للصين الشعبية في عهد ماو..حيث يروج بإلحاح أن على من يتمسك بدينه أن يكون له نفس طريقة الكلام حرفيا ونفس الشخصية ونفس ردود الأفعال مثل كل متدين آخر..ليكون الكل قوالب متشابهة برمجت ليكون لها نفس الشكل ونفس السلوك ونفس الخيارات التي يختارها المتدينون الآخرون ، المصبوبون في قالب واحد.. هذا الكلام ببساطة يخالف الفطرة التي تسع اختلافات كثيرة في أنماط الشخصية ، الدين الحقيقي لا يصبك في قالب ولكنه يضعك في القالب الأكثر مناسبة لنفسك لكي تتماسك وتبدع وتثمر ، لا يضعك في جلباب يرتديه الجميع ولا يناسبك إلا بالإكراه ، نعم هناك ضوابط عامة ، مثل أن يكون الجلباب ساترا لعورتك ، وأن لا يتخطى القالب محرمات وحدود معروفة، ولكن هذا بالذات يوضح مساحة الحلال الممكنة المفتوحة..التي يحجرها جميع من يروج للقالب الواحد.. أثمر ذلك في الصحابة الذين ما كانوا سيحققون ما حققوا لو أنهم كانوا جميعا قالب واحد..كان هناك أبو بكر المختلف عن عمر وعمر المختلف عن عثمان وابو ذر المختلف عنهم جميعا..ولم يحاول أحد قولبة شخصيته في قالب واحد وإلا كنا ما سنسمع بهم اصلا ولا بتميزهم الذي ما كان سيكون لو كانت هناك عملية إرغام على ارتداء جلباب معين, لن أعيش في بدلة ماو حتي لو أسلمتوها. أحمد خيري العمري