ولنؤكد هنا أن التصوّف المقبول إن صَحّ التعبير تربية دقيقة قبل أن يكون سِعَة عِلم ٬ وإنما أُخِذ على القوم أمران ٬ أحدهما الغُلُوّ والجهل بأحكام كثيرة دينية وإنسانية ٬ والثاني اعتبارهم مراحل الطريق أو درجات الرقّي صفة لفرقة متميزة من المسلمين ٬ تنعزل بها عن العامة ٬ وتنفرد بأحوال خاصة ٬ وهذا باطل. فنحن المسلمين أساسنا الأول كتاب الله ٬ وللإيمان في كتاب الله خصائص تُعَدّ مثلاً عليا لكل من يقرؤه ٬ هذه الخصائص من شهود ومراقبة وتهيُّب تتكون في ساحات الحياة لا في أجواف الصوامع. وتدبُر هذه الآيات: لله المشرق والمغرب فأينما تولوا فثم وجه الله . ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل . إن ينصركم الله فلا غالب لكم وإن يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده . وما لنا ألا نتوكل على الله وقد هدانا سبلنا إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور ألا بذكر الله تطمئن القلوب الذين إذا ذكر الله وجلت قلوبهم .. .. الخ .
محمد الغزالي