سألنى سائل يقول : هل الانسان مسير أم مخير؟ . فنظرت إليه فى ضيق شديد.. وقررت أن ألتوي معه في الاجابة كما التوى هو مع فطرته في هذا التساؤل وقلت له .. الانسان نوعان نوع يعيش في الشرق ونوع يعيش فى الغرب والأول مسير.. والأخر مخير ففغر الرجل فاه عن ابتسامة هي بالضبط نصف تثاؤب الكسالى والعجزة والثرثارين الذين ينتشرون فى بلادنا.. ثم قال:ما هذا الكلام انني أسألك هل للانسان ارادة حرة وقدرة مستقلة يفعل بهما ما يفعل ويترك ما يترك.. أم هو مجبور؟ فقلت له : اننى أجبتك الانسان في الغرب مستقل وفى الشرق مستعمر..هناك له إرادة وقدرة , وهنا لا شيء له . فضحك أحد الظرفاء وقال: هذه اجابة سياسية فقلت له : وانها لدينية كذلك. يارجل ان القوم فى الغرب شعروا بأن لهم عقولا ففكروا بها حتى كشفوا المساتير من بدائع الكون. وشعرو بان لهم ارادة فصمموا بها.. حتى التقت في أيديهم مصاير الأمم وأزمة السياسات وشعروا بأن لهم قدرة.. فجابوا المشارق والمغارب وصنعوا الروائع والعجائب.. أما نحن هنا فى الشرق فهذا.. رجل من ألوف الألوف التى تزحم البلاد يأتي ليستفتي فى هذه المعضلة التى غاب عنه حلها.. أله حقا عقل حر يستطيع ان يفكر به.؟ أله ارادة يستطيع أن يعزم بها؟؟ أله قوة يستطيع أن يتحرك بها؟؟ والى أن نثبت له نحن ذالك سوف يبدأ فيفكر ثم يعزم ثم يعمل. أما ألأن فهو- فعلا- مسير من ذالك الرجل المخير فى الغرب.. ما أبعد البون بين الشخصين.. الرجل فى الغرب ألقي به فى تيار الحياة فعلم ان له أعضاء يستطيع أن يعوم بها. فضل يسبح مع التيار تارة وضده تارة أخرى حتى وصل الى الشاطئ. أما هنا عندنا فى الشرق .. فلما ألقي بالرجل فى معترك الآمواج بدأ يسائل نفسه.. هل أنا حيٌ حقاً أم جثة هامدة؟ أو بتعبير المتفيقهين.. هل أنا حرٌ أم أعضائي مقيدة؟ ولكن التيار الجارف لاينتظر نتائج هذه السفسطة. فلا يلبث أن يطويه أليم مع الهالكين وليس يغني في عزائه قول الشاعر السفيه..: أل .
محمد الغزالي