ﺩﺍﺋﺮﺓ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﺗﺸﻤﻞ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ﻗﺪ ﺗﻜﻮﻥ ﻟﻜﻞ ﺩﻳﻦ ﺷﻌﺎﺋﺮ ﺧﺎﺻﺔ ﺑﻪ٬ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺳﻤﺎﺕ ﻣﻤﻴﺰﺓ ﻟﻪ. ﻭﻻ ﺷﻚ ﺃﻥ ﻓﻰ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﻃﺎﻋﺎﺕ ﻣﻌﻴﻨﺔ٬ ﺃﻟﺰﻡ ﺑﻬﺎ ﺃﺗﺒﺎﻋﻪ٬ ﻭﺗﻌﺘﺒﺮ ﻓﻴﻤﺎ ﺑﻴﻨﻬﻢ ﺃﻣﻮﺭﺍ ﻣﻘﺮﺭﺓ ﻻ ﺻﻠﺔ ﻟﻐﻴﺮﻫﻢ ﺑﻬﺎ. ﻏﻴﺮ ﺃﻥ ﺍﻟﺘﻌﺎﻟﻴﻢ ﺍﻟﺨﻠﻘﻴﺔ ﻟﻴﺴﺖ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻘﺒﻴﻞ ﻓﺎﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻜﻠﻒ ﺃﻥ ﻳﻠﻘﻰ ﺃﻫﻞ ﺍﻷﺭﺽ ﻗﺎﻃﺒﺔ ﺑﻔﻀﺎﺋﻞ ﻻ ﺗﺮﻗﻰ ﺇﻟﻴﻬﺎ ﺷﺒﻬﺔ٬ ﻓﺎﻟﺼﺪﻕ ﻭﺍﺟﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺴﻠﻢ ﻭﻏﻴﺮﻩ٬ ﻭﺍﻟﺴﻤﺎﺣﺔ ﻭﺍﻟﻮﻓﺎء ﻭﺍﻟﻤﺮﻭءﺓ ﻭﺍﻟﺘﻌﺎﻭﻥ ﻭﺍﻟﻜﺮﻡ.. ﺍﻟﺦ. ﻭﻗﺪ ﺃﻣﺮ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺃﻻ ﻧﺘﻮﺭﻁ ﻣﻊ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩ ﺃﻭ ﺍﻟﻨﺼﺎﺭﻯ ﻓﻰ ﻣﺠﺎﺩﻻﺕ ﺗﻬﻴﺞ ﺍﻟﺨﺼﻮﻣﺎﺕ ﻭﻻ ﺗﺠﺪﻯ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﺷﻴﺌﺎ. ﻗﺎﻝ ﺍﷲ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ﻭ ﻻ ﺗﺠﺎﺩﻟﻮﺍ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﻜﺘﺎﺏ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﺘﻲ ﻫﻲ ﺃﺣﺴﻦ ﺇﻻ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﻇﻠﻤﻮﺍ ﻣﻨﻬﻢ ﻭﻗﻮﻟﻮﺍ ﺁﻣﻨﺎ ﺑﺎﻟﺬﻱ ﺃﻧﺰﻝ ﺇﻟﻴﻨﺎ ﻭﺃﻧﺰﻝ ﺇﻟﻴﻜﻢ ﻭﺇﻟﻬﻨﺎ ﻭﺇﻟﻬﻜﻢ ﻭﺍﺣﺪ ﻭﻧﺤﻦ ﻟﻪ ﻣﺴﻠﻤﻮﻥ ﻭﺍﺳﺘﻐﺮﺏ ﻣﻦ ﺃﺗﺒﺎﻉ ﻣﻮﺳﻰ ﻭﻋﻴﺴﻰ ﺃﻥ ﻳﺸﺘﺒﻜﻮﺍ ﻣﻊ ﺍﻟﻤﺴﻠﻤﻴﻦ ﻓﻰ ﻣﻨﺎﺯﻋﺎﺕ ﻣﻦ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﻮﻉ ﺍﻟﺤﺎﺩ : ﻗﻞ ﺃﺗﺤﺎﺟﻮﻧﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﷲ ﻭﻫﻮ ﺭﺑﻨﺎ ﻭﺭﺑﻜﻢ ﻭﻟﻨﺎ ﺃﻋﻤﺎﻟﻨﺎ ﻭﻟﻜﻢ ﺃﻋﻤﺎﻟﻜﻢ ﻭﻧﺤﻦ ﻟﻪ ﻣﺨﻠﺼﻮﻥ. ﻭﺣﺪﺙ ﺃﻧﻪ ﻳﻬﻮﺩﻳﺎ ﻛﺎﻥ ﻟﻪ ﺩَﻳْﻦ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﻨﺒﻰ٬ ﻓﺠﺎء ﻳﺘﻘﺎﺿﺎﻩ ﻗﺎﺋﻼ : ﺇﻧﻜﻢ ﻳﺎ ﺑﻨﻰ ﻋﺒﺪ ﺍﻟﻤﻄﻠﺐ ﻗﻮﻡ ﻣُﻄﻞ!! ﻓﺮﺃﻯ ﻋﻤﺮ ﺑﻦ ﺍﻟﺨﻄﺎﺏ ﺃﻥ ﻳُﺆﺩﺏ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺘﻄﺎﻭﻝ ﻋﻠﻰ ﻣﻘﺎﻡ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ٬ ﻭﻫﻢ ﺑﺴﻴﻔﻪ٬ ﻳﺒﻐﻰ ﻗﺘﻠﻪ. ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺮﺳﻮﻝ ـ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ـ ﺃﺳﻜﺖ ﻋﻤﺮ ﻗﺎﺋﻼ : ﺃﻧﺎ ﻭﻫﻮ ﺃﻭﻟﻰ ﻣﻨﻚ ﺑﻐﻴﺮ ﻫﺬﺍ٬ ﺗﺄﻣﺮﻩ ﺑﺤُﺴﻦ ﺍﻟﺘﻘﺎﺿﻰ؟ ﻭﺗﺄﻣﺮﻧﻰ ﺑﺤُﺴﻦ ﺍﻷﺩﺍء. ﻭﻗﺪ ﺃﻣﺮ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺑﺎﻟﻌﺪﻝ ﻭﻟﻮ ﻣﻊ ﻓﺎﺟﺮ ﺃﻭ ﻛﺎﻓﺮ. ﻗﺎﻝ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻭﺍﻟﺴﻼﻡ: ﺩﻋﻮﺓ ﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻡ ﻣُﺴﺘﺠﺎﺑﺔ٬ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻓﺎﺟﺮﺍ ﻓﻔﺠﻮﺭﻩ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻪ . ﻭﻗﺎﻝ: ﺩﻋﻮﺓ ﺍﻟﻤﻈﻠﻮﻡ ـ ﻭﺇﻥ ﻛﺎﻥ ﻛﺎﻓﺮﺍ ـ ﻟﻴﺴﻦ ﺩﻭﻧﻬﺎ ﺣﺠﺎﺏ ٬ ﺩﻉ ﻣﺎ ﻳﺮﻳﺒﻚ ﺇﻟﻰ ﻣﺎ ﻻ ﻳﺮﻳﺒﻚ . ﻭﺑﻬﺬﻩ ﺍﻟﻨﺼﻮﺹ٬ ﻣَﻨﻊ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺃﺑﻨﺎءﻩ ﺃﻥ ﻳﻘﺘﺮﻓﻮﺍ ﺃﻳﺔ ﺇﺳﺎءﺓ ﻧﺤﻮ ﻣﺨﺎﻟﻔﻴﻬﻢ ﻓﻰ ﺍﻟﺪﻳﻦ. ﻭﻣﻦ ﺁﻳﺎﺕ ﺣﺴﻦ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﻣﻊ ﺃﻫﻞ ﺍﻷﺩﻳﺎﻥ ﺍﻷﺧﺮﻯ ﻣﺎ ﻭﺭﺩ ﻋﻦ ﺍﺑﻦ ﻋﻤﺮ: ﺃﻧﻪ ﺫﺑﺤﺖ ﻟﻪ ﺷﺎﺓ ﻓﻰ ﺃﻫﻠﻪ٬ ﻓﻠﻤﺎ ﺟﺎء ﻗﺎﻝ: ﺃﻫﺪﻳﺘﻢ ﻟﺠﺎﺭﻧﺎ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻯ؟ ﺃﻫﺪﻳﺘﻢ ﻟﺠﺎﺭﻧﺎ ﺍﻟﻴﻬﻮﺩﻯ؟.ﺳﻤﻌﺖ ﺭﺳﻮﻝ ﺍﷲ ـ ﺻﻠﻰ ﺍﷲ ﻋﻠﻴﻪ ﻭﺳﻠﻢ ـ ﻳﻘﻮﻝ: ﻣﺎ ﺯﺍﻝ ﺟﺒﺮﻳﻞ ﻳﻮﺻﻴﻨﻰ ﺑﺎﻟﺠﺎﺭ ﺣﺘﻰ ﻇﻨﻨﺖ ﺃﻧﻪ ﺳﻴﻮﺭﺛﻪ. ﻛﺬﻟﻚ ﺃﻣﺮ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺃﻥ ﻳﺼﻞ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﺭﺣﻤﻪ٬ ﻭﻟﻮ ﻛﻔﺮﻭﺍ ﺑﺪﻳﻨﻪ ﺍﻟﺬﻯ ﺍﻋﺘﻨﻘﻪ٬ ﻓﺈﻥ ﺍﻟﺘﺰﺍﻣﻪ ﻟﻠﺤﻖ ﻻ ﻳﻌﻨﻰ ﺍﻟﻤﺠﺎﻓﺎﺓ ﻟﻸﻫﻞ : ﻭﺻﺎﺣﺒﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﻌﺮﻭﻓﺎ ﻭﺍﺗﺒﻊ ﺳﺒﻴﻞ ﻣﻦ ﺃﻧﺎﺏ ﺇﻟﻲ ﺛﻢ ﺇﻟﻲ ﻣﺮﺟﻌﻜﻢ ﻓﺄﻧﺒﺌﻜﻢ ﺑﻤﺎ ﻛﻨﺘﻢ ﺗﻌﻤﻠﻮﻥ. ﺫﻟﻚ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﺸﺨﺼﻴﺔ.ﺃﻣﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻨﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻌﺎﻣﺔ٬ ﻓﻘﺪ ﻗﺮﺭ ﺍﻹﺳﻼﻡ ﺃﻥ ﺑﻘﺎء ﺍﻷﻣﻢ ﻭﺍﺯﺩﻫﺎﺭ ﺣﻀﺎﺭﺗﻬﺎ٬ ﻭﺍﺳﺘﺪﺍﻣﺔ ﻣﻨﻌﺘﻬﺎ٬ ﺇﻧﻤﺎ ﻳُﻜﻔﻞ ﻟﻬﺎ٬ ﺇﺫﺍ ﺿﻤﻨﺖ ﺣﻴﺎﺓ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻓﻴﻬﺎ٬ ﻓﺈﺫﺍ ﺳﻘﻄﺖ ﺍﻟﺨﻠﻖ ﺳﻘﻄﺖ ﺍﻟﺪﻭﻟﺔ ﻣﻌﻪ. ﻭﺇﻧﻤﺎ ﺍﻷﻣﻢ ﺍﻷﺧﻼﻕ ﻣﺎ ﺑﻘﻴﺖ ﻓﺈﻥ ﻫﻢ ﺫﻫﺒﺖ ﺃﺧﻼﻗﻬﻢ ﺫﻫﺒﻮﺍ .
محمد الغزالي