ان ضمير الفرد لا يمنع أن ترتكب الجماعة أعظم الذنوب ، ما دامت ترتكب باسم الجماعة . والضمير وحده هو الذى يصرف الناس عن الشر ، والجماعات لا ضمير لها ، ولا يزعج ضمير أحد من أفرادها ما ترتكبه جماعته ، مهما يكن الائم عظيما . انظر الى مايحدث فى الحروب ، ان الذين يتقصون اخبارها بعد أن ينتهي أمرها ، يذهلهم ما يحدث فيها من ما لا يطيقه ضمير انسان ، مهما تكن فيه من غلظة وقسوة ، ولعل الفئتين المتقاتلتين لا يكون فيهما رجل واحد يرضى عن الحرب التي يقاتل فيها لو احتكم الى ضميره وحده . ولكن الجماعة تقدم عليها راضية مستريحة ، بل قد تقدم عليها مبتهجة فرحة . تلك أمور لا يقبلها العقل ، ولم أهتد الى فهمها من قبل ، ولكنى سمعت الآن ما يفسر هذا التناقض : ان الجريمة مهما تكن مبينة يسهل وقوعها اذا وزعت توزيعا يجعل نصيب الفرد من ذنبها أصغر من أن يضطرب له ضميره ٠ محمد كامل حسين
اقتباسات أخرى للمؤلف