الآن .. الاثنان يبكيان .. وقد فقد كل منهما القدرة على الاستماع إلى أي شيء ، ما عدا صوت بكاء الآخر ، ثم ، وببطء شديد ، مثل جسدين في خشوع الصلاة ، افترق الجسدان ، وتمزقا في الفراق ، بل أعني أنهما يصرخان من هول الانفصال .. ثم يلتحمان من جديد ، يرجعان كلا واحدا .. كشعلة اللهب .. ثم يفترقان ، يمتزجان بالأعين الباكية وبينما يتراجعان .. يستنفدان الوداع ، يحتسيان بضع كلمات ، وتتحرك يد طائشة وفجأة .. يولي الأدبار من دون أن يلتفت إلى الوراء ويختفي .. تبتلعه الحياة الحياة التي لا تقدم الهدايا لأحد ، أما هي ، فتظل مسمرة مكانها : قلب يدمي وفم مفتوح ، فقد أدركت موتها .. من دون كلمة .. من دون صرخة ، أدركت موتها . خالد الخميسي