ونحن نودّع نيراننا، لا نردّ التّحيّة... لا تكتبوا
علينا وصايا الإله الجديد، إله الحديد، ولا تطلبوا
معاهدةً للسّلام من الميّتين، فلم يبق منهم أحد
يبشّركم بالسّلام مع النّفس والآخرين، وكنّا هنا
نعمّر أكثر، لولا بنادق إنجلترا والنّبيذ الفرنسيّ والإنفلونزا،
وكنّا نعيش كما ينبغي أن نعيش برفقة شعب الغزال
ونحفظ تاريخنا الشّفهيّ، وكنّا نبشّركم بالبراءة والأقحوان
لكم ربّكم ولنا ربّنا، ولكم أمسكم ولنا أمسنا، والزّمان
هو النّهر حين نحدّق في النّهر يغرورق الوقت فينا...
ألا تحفظون قليلاً من الشّعر كي توقفوا المذبحة?
ألم تولدوا من نساءٍ? ألم ترضعوا مثلنا
حليب الحنين إلى أمّهاتٍ? ألم ترتدوا مثلنا أجنحة
لتلتحقوا بالسّنونو. وكنّا نبشّركم بالرّبيع، فلا تشهروا الأسلحة!
وفي وسعنا أن نتبادل بعض الهدايا وبعض الغناء
هنا كان شعبي. هنا مات شعبي. هنا شجر الكستناء
يخبّئ أرواح شعبي. سيرجع شعبي هواءً وضوءًا وماء،
خذوا أرض أمّي بالسّيف، لكنّني لن أوقّع باسمي
معاهدة الصّلح بين القتيل وقاتله، لن أوقّع باسمي
على بيع شبرٍ من الشّوك حول حقول الذّرة
وأعرف أنّي أودّع آخر شمسٍ، وألتفّ باسمي
وأسقط في النّهر، أعرف أنّي أعود إلى قلب أٌمّي
لتدخل، يا سيّد البيض، عصرك... فارفع على جثّتي
تماثيل حرّيّةٍ لا تردّ التّحيّة، واحفر صليب الحديد
على ظلّي الحجريّ، سأصعد عمّا قليلٍ أعإلى النّشيد،
نشيد انتحار الجماعات حين تشيّع تاريخها للبعيد،
وأطلق فيها عصافير أصواتنا: ههنا انتصر الغرباء
على الملح، واختلط البحر في الغيم، وانتصر الغرباء
على قشرة القمح فينا، ومدّوا الأنابيب للبرق والكهرباء
هنا انتحر الصّقر غمًّا، هنا انتصر الغرباء
علينا. ولم يبق شيءٌ لنا في الزّمان الجديد
هنا تتبخّر أجسادنا، غيمةً غيمةً، في الفضاء
هنا تتلألأ أرواحنا، نجمةً نجمةً، في فضاء النّشيد