جلسَت. أخذت مكاناً بعيداً وجلسَت. نظرت اليها بارتباك. هزت رأسها وكأنها تصمم على شيء أو تغني. كنت أريد أن أجمعها بطريقة ما لأضمها في عيني. كانت تنظر عبر الزجاج وتفكر. اخرجت سيجارة من حقيبتها. شمت رائحة التبغ. آه.. لو أن الشمس تحولت في يدي إلى جمرة. لو أن ذلك حصل مرة واحدة لأوقدت لها السيجارة واحترقت. كنت أريد أن أفنى. أن اذوب. لماذا لم اقترب؟ لماذا تركتها تشعل السيجارة والقداحة الذليلة تنام في جيبي كأنها جثة حمامة؟ تطلعت الي اكثر من مرة قبل أن تشعلها. بدا لي أنها لا تجد كبريتاً.. كنت أعمى. كنت جباناً. وأنتم ايها الآباء المقدسون.. هل تحاسبون رجلا جبانا، ولا يحمل في قلبه رغبة شريرة، ويريد أن يشعل سيجارة امرأة حزينة ولا يستطيع؟ يجب أن تقولوا شيئاً. ان الاعترافات التي ارتمت في ذاكرتكم لا تستطيع أن تهز شعرة في عرش الرب.عبدالرحمن منيف