أنا لستُ أهجو الحاكمينَ، وإنّما أهجو بذكر الحاكمين هجائي أمِنَ التأدّبِ أن أقول لقاتلي عُذراً إذا جرحتْ يديكَ دمائي ؟ أأقولُ للكلبِ العقور تأدُّباً: دغدِغْ بنابك يا أخي أشلائي ؟ أأقولُ للقوّاد يا صِدِّيقُ، أو أدعو البغِيَّ بمريمِ العذراءِ ؟ أأقولُ للمأبونِ حينَ ركوعِهِ: حَرَماً وأمسحُ ظهرهُ بثنائي ؟ أأقول لِلّصِ الذي يسطو على كينونتي: شكراً على إلغائي ؟ الحاكمونَ همُ الكلابُ، مع اعتذاري فالكلاب حفيظةٌ لوفاءِ وهمُ اللصوصُ القاتلونَ العاهرون وكلُّهم عبدٌ بلا استثناء ! إنْ لمْ يكونوا ظالمين فمن تُرى ملأ البلادَ برهبةٍ وشقاء ِ؟ إنْ لم يكونوا خائنين فكيف ما زالتْ فلسطينٌ لدى الأعداءِ ؟ عشرون عاماً والبلادُ رهينةٌ للمخبرينَ وحضرةِ الخبراءِ عشرون عاماً والشعوبُ تفيقُ مِنْ غفواتها لتُصابَ بالإغماءِ عشرون عاماً والمفكِّرُ إنْ حكى وجبت لهُ طاقيةُ الإخفاءِ عشرون عاماً والسجون مدارسٌ منهاجها التنكيلُ بالسجناءِ عشرون عاماً والقضاءُ مُنَزَّهٌ إلا عن الأغراض والأهواءِ فالدينُ معتقلٌ بتُهمةِ كونِهِ مُتطرِّفاً يدعو إلى الضَّراء واللهُ في كلِّ البلادِ مُطارد لضلوعهِ بإثارةِ الغوغاءِ عشرون عاماً والنظامُ هو النظامُ مع اختلاف اللونِ والأسماءِ تمضي به وتعيدُهُ دبّابةٌ تستبدلُ العملاءَ بالعملاءِ سرقوا حليب صِغارنا، مِنْ أجلِ مَنْ ؟ كي يستعيدوا موطِنَ الإسراءِ فتكوا بخير رجالنا، مِنْ أجلِ مَن ْ؟ كي يستعيدوا موطِنَ الإسراءِ هتكوا حياء نسائنا، مِنْ أجلِ مَنْ ؟ كي يستعيدوا موطِنَ الإسراءِ خنقوا بحريّاتهم أنفاسَنا كي يستعيدوا موطِنَ الإسراءِ وصلوا بوحدتهم إلى تجزيئنا كي يستعيدوا موطِنَ الإسراءِ فتحوا لأمريكا عفافَ خليجنا كي يستعيدوا موطِنَ الإسراءِ وإذا بما قد عاد من أسلابنا رمل تناثر في ثرى سيناء ! وإذا بنا مِزَقٌ بساحات الوغى وبواسلٌ بوسائل الأنباءِ وإذا بنا نرثُ مُضاعَفاً ونُوَرِّثُ الضعفينِ للأبناءِ ونخافُ أن نشكو وضاعةَ وضعنا حتى ولو بالصمت والإيماءِ ونخافُ من أولادِنا ونسائنا ومن الهواءِ إذا أتى بهواءِ ونخافُ إن بدأت لدينا ثورةٌ مِن أن تكونَ بداية الإنهاءِ موتى، ولا أحدٌ هنا يرثي لنا قُمْ وارثنا.. يا آخِـرَ الأحياءِ ! أحمد مطر