الإله عند أفلاطون فكرة هي مصدر كل شيء ، ومرجع كل شيء ، وهي فكرة الخير ، وجدت بنفسها قبل أن يوجد الزمان ، وهي موجودة مع الزمان ، وستوجد بعده ، لا علاقة لها به ، ولا تأثير له فيها ، وعنها صدرت كل الحقائق الخالدة ، ولكن هذه الحقائق الخالدة ليست محسوسة ، ولا سبيل إلى أن تحس ، ومهما يبلغ أفلاطون من إثباتها فلن يصل إلى تفسير هذا العالم المحسوس . فكيف وجد هذا العالم ؟ يرى أفلاطون أن الإله وحده لا يستطيع إيجاد هذا العالم . بل إن هذه الحقائق لا تستطيع إيجاد هذا العالم . وإذًا فلا بد من عنصر ثالث ليوجد هذا الكون ، وهذا العنصر الثالث هو المادة التي وجدت وحدها والتي اتخذها الإله سبيلًا إلى إيجاد هذا العالم المحسوس . نظر إلى الحقائق الخالدة التي صدرت عنه ، فاتخذها مثلًا ونماذج ، صاغ عليها هذا العالم المحسوس ، ثم لأجل أن تنبعث الحياة في هذا العالم المحسوس أوجد الإله صلة بينه وبين هذه المثل ، فليس الإنسان الموجود في الخارج إلا مظهرًا للحقيقة الثابتة الخالدة التي هي الإنسانية . وكذلك قل في جميع الموجودات الأخرى .طه حسين