فأولئك الثائرون إنما ثاروا، فيما كانوا يزعمون، لأن عثمان لم يُحسن سياسة أموالهم ومرافقهم. عجز عن هذه السياسة، على أحسن تقدير، فركب بنو أمية رقاب الناس، وعبث العمّال بالولايات والفيء، وأسرف الخليفة في بيت المال يؤثر به ذوي رحمه والمقربين إليه من سائر الناس. فهم كانوا يريدون أن يردّوا أمر الخلافة إلى مثل ما كان عليه أيام الشيخيْن بحيث يتحقَّق العدل وتُمحى الأثرة، ولا توضع أموال الناس إلاّ في مواضعها، ولا تُنفق إلاّ على مرافقهم، ولا تُؤخذ إلا بحقها. ولكن زعماءهم وقادتهم قُتلوا في سبيل هذه الثورة قبل أن يُتموا تثبيتها: قُتل حَكيم بن جَبَلة في البصرة قبل أن تقع موقعة الجمل. وقُتل زَميله البصري حٌرْقوص بن زُهير في النَّهروان، وقتل محمد بن أبي بكر وكنانة بن بِشْر في مصر، ومحمد بن أبي حُذيفة في الشام. ومات الأشتر مَسموماً في طريقه إلى مصر. وقُتل عمَّار بن ياسر بصفِّين. طه حسين