منارة
الصامتة جداً
كمثل كرسي في مقهى مهجور
كنت أقف قبالتها
نتشارك الصمت نفسه
أنا بمعطفي الأسود الهالك
وهي بردائها الأصفر الأزلي .
كنت أقف قبالتها
ظهري للمدينة ووجهي للبحر
ظهرها للبحر ووجهها للمدينة .
كنت أقف قبالتها
لا شيء مما يحدث خلفي يعنيني
لا شيء مما يحدث خلفها يشغلها .
كنت أقف قبالتها
أغبط ثباتها الدائم
تحسد حركتي الممكنة .
كنت أقف قبالتها
أفكر بالرجل الوحيد الذي يرافقني
الرجل الذي تعرفت إليه للتو
تفكر بالملايين الذين عرفتهم طويلا ولم يرافقها أحد .
كنت أقف قبالتها
قدماي لا تكادان تلامسان الرصيف
و رأسي أخفض من شجرة تتهاوى
قدماها مغروزتان في رمل سحيق
و رأسها أعلى من إله متكبر .
كنت أقف قبالتها
أشفق على وحدتها الناصعة
تشفق على وحشتي الملتبسة
كنت أقف قبالتها تماماً
قبل أن أصبح رقماً عابراً
في لوح حسابها العتيق
تلك المفردة العتيقة
الشاهقة .