في بلدٍ متخلفٍ يفرض الشيء طغيانه بسبب ندرته، تنشأ فيه عقد الكبت والميل نحو التكديس الذي يصبح في الإطار الاقتصادي إسرافاً محضاً، أما في البلد المتقدم وطبقاً لدرجة تقدمه : فإن الشيء يسيطر بسبب وفرته وينتج نوعاً من الإشباع. إنه يفرض حينئذ شعوراً لا يحتمل من السأم البادي من رتابة ما يرى حوله فيولد ميلاً نحو الهروب إلى الأمام الذي يدفع الإنسان المتحضر دائماً إلى تغيير إطار الحياة والموضة، أو يدفعه إلى الذهاب ليستنشق الهواء في مكانٍ آخر.(....)إن المجتمع المعدم يتفاعل مع الكلف بعالم الأشياء الذي لا يملكه، أما المجتمع المليء فإنه يتفاعل مع وساوس هذا العالم، ولكن مع هذين الإنفعالين فإن المجتمعين كليهما يواجهان الداء ذاته، فطغيان الشيء يختلف الشعور به، ولكن النتائج النفسية المنطقية واحدة. فالشيء يطرد الفكرة من موطنها حين يطردها من وعي الشبعان والجائع معاً. مالك بن نبي
اقتباسات أخرى للمؤلف