و هل كنا نستطيع أن نبقى لحظة واحدة في هذه الدار التي لا نفلت فيها من هم إلا إلى هم ، و لا نفزع من رزء إلا إلى رزء ، لولا يقيننا أن هذه الطريق الشائكة التي نسير فيها إنما هى سبيلنا الوحيد الذي يفضي بنا إلى النعيم المقيم الذي أعده الله في جواره للصابرين من عباده ، و هل كان في إستطاعة مريضنا الذي يئس من الشفاء ، و فقيرنا الذي عجز عن القوت ، و ثاكلنا الذي فقدت واحدها من حيث لا ترجو سواه ، أن يحتفظوا بعقولهم سليمة ، و مداركهم صحيحة ، و عزائمهم متماسكة ، لولا أنهم يعلمون أن حياتهم لا تنقضي بانقضاء أنفاسهم على ظهر الأرض ، و أن هناك حياه أخرى في عالم غير هذا العالم ، لا سقم فيها ولا مرض ، لا بؤس و لا شقاء. مصطفي المنفلوطي