كنت قبل الثورة، وفي أحلك الظروف، على يقين أن الأمور لن تبقى على ماهي عليه. ألأنني ساذجة؟ أم لأنني متفائلة إلى حد البلاهة؟ أم لأنني أؤمن بقشة الغريق فلا أفلتها أبداً من يدي؟ ربما، وإن كنت لا أعتقد ذلك، لأن الحياة، في نهاية المطاف تغلب، وإن بدا غير ذلك. ولأن التاريخ كما سبق وقلت في مكان ما، أشبه ببستان مكنون في باطن الأرض، له مسالكه وتعرجاته ومجاريه المتشابكة. ولأن النهايات ليست نهايات، لأنها تتشابك ببدايات جديدة. لا أفكّر الآن في أبي وأمي وذريّتهم، بل أتوسّع في الكلام ليشمل شهداءنا الذين نسيت المئات منهم ممن نُقلوا من المشرحة إلى مقابر تضم رفاتهم. وأعرف أن قبورهم لن تذهب بددا، تظل رسائلها الباطنية تسري في الأرض، تروي البستان المكنون الذي يفاجئنا بطرحه. رضوي عاشور