ولقد قلت فى غير هذا المكان, إنه يخطر لأول وهلة أن تركيز القرآن- وخاصة فى السور المكية - على هذه القضية سببه أن القرآن كان يخاطب بادئ ذى بدء قوما مشركين , يشركون مع الله آلهة أخرى , فكان من المناسب التركيز على قضية ( لا إله إلا الله ) لتصحيح عقائد أولئك المشركين ... ولكن استمرار القرآن فى الحديث عن هذه القضية فى السور المدنية , وفى الكلام الموجه للمؤمنين خاصة , الذين آمنوا واستقر الإيمان فى نفوسهم حتى أنشأوا أمة مسلمة ودولة مسلمة , وجيشا مسلما يقاتل فى سبيل اللله , قاطع الدلالة على أن القضية لها أهميتها الذاتية , حتى لو كان المخاطبون مؤمنين ! فالتركيز عليها ليس ناشئا من إنكار المخاطبين بهذا القرآن أول مرة , إنما هو ناشئ من أنها هى المفتاح الذى يفتح القلوب البشرية للخير , وينشئ فيها الخير , ويربيها على الخير , ويُنتج منها الخير ! وأنه لا يوجد مفتاح آخر للقلوب , يهيئها لما تهيئه لا إله إلا الله . محمد قطب