إذا رجع الإنسان إلى نفسه، وأصغى لمناجاة سره، يجد عندما يهم بعمل شيء أن في قلبه طريقين، وفي نفسه مختصمين: أحدهما يأمره بالعمل وسلوك الطريق الأعوج، وآخر ينهاه عن العوج، ويأمره بالاستقامة على المنهج. ولا يترجح عنده باعث الشر، ولا يجيب داعي السوء، إلا إذا خدع نفسه بعد المشاورة والمذاكرة المطلوبة فيها، وصرفها عن الحق، وزين لها الباطل. وهذه الشئون النفسية في غاية الخفاء. تكون المنازعة، ثم المخادعة، ثم الترجيح. ويمر ذلك كله كلمح البصر، وربما لا يلتفت إليه الإنسان بفكره، ولذلك قال تعالى وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون، فإن الشعور هو إدراك ما خفي. محمد عبده