عندما احتك المسلمون بالحضارة الغربية انجرفوا بتيارها وصاروا مجبرين على اقتباس ما جاءت به حسنا كان أم سيئا. ومن غرائب ما ارتآه الواعظون في هذا الأمر أن قالوا: خذوا من الغرب محاسنه واتركوا مساوئه. كأن المسألة أصبحت انتقاءً طوع الإرادة كمن يشتري البطيخ. إن الحضارة جهاز مترابط لا يمكن تجزئته أو فصل أعضائه بعضها عن بعض. فالحضارة حين ترد تأتي بحسناتها وسيئاتها. وقد حاول الامام يحيى رحمه الله ، أن يصمد في وجه هذا التيار فمنعه من اختراق حدود اليمن بأي ئمن. إنه منع كل شيء يأني له من الغرب، حيث أدرك بأن دخول شيء يسير يؤدي إلى لحاق الشيء الكثير وراءه عاجلا أم آجلا. ولكن تلك كانت فترة مؤقتة، لا يمكن أن تستمر زمنا طويلا. فالتيار أقوى من أن يصده صاد ولو طال به الزمان. ثم جاء وقت احتاج به الامام الى دواء من الغرب يعالج مرضه أو سيارة تحمله في تنقلاته أو تليفون يتصل به بمن يحب، أو سلاح يحارب به خصومه. وهذه الحاجة تزداد على مر الزمان. واليمن واقعة تحت وطأة الحضارة الجديدة لامحالة، سواء أرادت ذلك أم كرهت. وعند هذا تأتيها الحضارة بجميع ما فيها من وسائل نافعة وآفات ضارة ولا مناص من ذلك. وإذ ذاك ستهب المرأة هنالك كما هبت هنا، تطالب بحقوقها وتنشد المساواة. والمرأة ستدخل المدرسة أول الأمر حيث تبقى محتفظة بالحجاب، فإذا تعلمت طلبت الوظيفة. وإذا توظفت أسفرت عن وجهها. وإذا أسفرت تبرجت _ كل طور يجر وراءه الطور الذي يليه. ما حدث هنا يحدث هناك، والتطور الاجتماعي يسير في كل بلد على منوال ما سار عليه في بلد آخر. تلك سنة الله ولن تجد لسنته تبديلا. علي الوردي
اقتباسات أخرى للمؤلف