إن النفس يا أخي كالنهر الجاري, لا تثبت قطرة منه في مكانها, ولا تبقى لحظة على حالها, تذهب ويجيء غيرها, تدفعها التي هي وراءها, وتدفع هي التي أمامها. في كل لحظة يموت واحد ويولد واحد, وأنت الكل, أنت الذي مات وأنت الذي ولد, فابتغ لنفسك الكمال أبدا, واصعد بها إلى أعلى, واستولدها دائما مولودا أصلح وأحسن, ولا تقل لشىء ( لا أستطيعه) فإنك لا تزال كالغصن الطري, لأن النفس لا تيبس أبدا, ولا تجمد على حال, إنك تتعود السهر حتى ما تتصور إمكان تعجيل المنام, فما هي إلا أن تبكر في المنام ليال حتى تتعوده فتعجب كيف كنت تستطيع السهر!! فلا تقل لحالة أنت فيها, لا أستطيع تركها, فإنك في سفر دائم, وكل حالة لك محطة على الطريق, لا تنزل فيها حتى ترحل عنها. علي الطنطاوي