لم يكن الحسين يبحث عن نصر عسكرى لكى يخاف قلة عدد وعدة جيش وضعف حجمه وقلة ذخيرته أمام جيوش جرارة وفرسان وسيوف ورماح.. وحجارة, ولم يكن الحسين يبحث عن خلافة تملأ الأرض والسماء وتهز عروشا وتفتح أمما وبلدانا.. لكى يرجع إلى حيث كان, عندما وصلته أنباء انفضاض الجموع وتخاذل المبايعين وتراجع المؤيدين, فيأخذها من أقصرها ويرجع! ولم يكن الحسين يبجث عن حل سياسى توفيقى تنتهى به المفاوضات إلى أقصى المكاسب النابعة من أقل الخسائر.. وإلا كان رضى بأن يدخل الكوفة ويجلس أمام عبيد الله بن زياد, ويصافحه ويمنحه شرف المكوث أياما فى قصره ثم يرحل إلى العاصمة فيما بعد يحتضنه يزيد, ويزيد من كرمه وسخائه.. لم يكن الحسين يبحث عن هذا كله وإلا فعل ما يقتضيه ذلك, لكنه كان يبحث عن شئ واحد الشهادة.. لماذا؟ لم يبحث الحسين عن شهادة دخول للجنة أو لتأكيد دخولها.. لقد كانت شهادة علينا.. شهادة للأمة كلها وللتاريخ كله وللمقاومين بعد مئات السنين لمواجهة أى يزيد يجئ بمقاومة الحسين الوحيدة حجة علينا .
إبراهيم عيسى