لقد رأيت في هذا العمر الذي عشته من تبدّل الدول وتحول الأحوال ماهو عبرة من العبر لمن شاء أن يعتبر. إنه مامرّ بنا عهدٌ- على كثرة ما مر من عهود- إلاّ بكينا فيه منه، وبكينا بعده عليه! أفقدّر علينا أن نستكبر الشرّ فنأباه، ثم نرى ما هو أكبر منه فنطلبه فيأبانا؟ استكبرنا التقسيم في فلسطين ثم رأينا ماهو أكبر منه فطلبنا التقسيم، وأبينا ما كان قبل سنة 1967 ثم عدنا نطالب بإزالة آثار العدوان والعودة إلى ما قبل 1967! وأمثلة كثيرة على هذا الأصل. هذا واقع السياسة وموقف أهلها. أما نحن، نحن المسلمين، فلا نَهنُ وإن مسّنا الضر، ولا نحزن وإن حاق بنا الأذى، ولا نساوم في دين الله ولا نوالي عدوّ الله، ونؤمن بأن الله الذي نزّل الذكر هو الذي يحفظه وأن العاقبة للتقوى. لا نرتاب بديننا ولا نشك بوعد ربنا . علي الطنطاوي