والحقيقة هي أن هذا القرآن هو الذي أخرجنا من البدو، كما حدث مع أبوي يوسف آنفا، لكن بفارق أن البداوة ليست مرحلة تاريخية أو موضعا جغرافيا. إنها خيار نفسي واجتماعي وحضاري. خيار ألا تفعل شيئا، وألا تنتج شيئا. أن تكون محض مستهلك، أو تاجر ترانزيت في أحسن الأحوال. وعندها لن تكون البداوة مرتبطة بخيمة متنقلة في الصحراء، بل قد تكون في منزل فاره مليء بالأدوات الحديثة، وقد يكون البدوي هنا يتقن عدة لغات، أو على الأقل يستعمل كلمة من هذه أو تلك هنا أو هناك، من أجل الظهور بمظهر الحضارة، لكن ذلك لن يغير من حقيقة البداوة في أعماقه، ما دام على الهامش، ما دام لم يدخل في طور الحضارة حقا. أحمد خيري العمري