الشىء الغريب حفا، وهو ما قد يصعب ان يدركه من لم يعش فى مكان كالكويت لفترة طويلة، هو أن القراءة ، التى كانت تشغل جزءا كبيرا من وقتنا فى القاهرة ، أو حتى الاستماع إلى الموسيقى ، وهما ما قد تظن أنك لابد ان تمارسهما بدرجة أكبر فى بلد كالكويت، حيث لديك الوقت الكافى لأن تفعل أى شىء، سوف تجد نفسك أقل رغبة بكثير فى ممارستهما مما كنت من قبل. ليس من السهل تفسير ذلك، و لكنى اظن أن السبب هو أنه كما أنك لا تستطيع القراءة أو الاستماع إلى الموسيقى بسهولة فى مكان صاخب يعج بالحركة والضوضاء، أو إذا كنت معرضا فى أى لحظة للإزعاج بزيارة مفاجئة أو رنين جرس التليفون، أو إذا لم تكن تشعر بدرجة كافية من الراحة، كما لو كنت فى مكان شديد البرودة او شديد الحرارة، أو لا تجد مقعدا مريحا لتجلس عليه، إذا كان كل هذا قد يمنع من استغراقك فى القراءة أو يضعف من رغبتك فى الاستماع إلى الموسيقى، فإن العكس بالضبط قد يؤدى إلى نفس النتيجة. فالراحة المفرطة وخلو حياتك من أي إثارة أو أى قلق من أى نوع، ورتابة الحياة وخلوها من أى حادث مهم تتطلع إلى حدوثه أو تخشى وقوعه، أو بعبارة أخرى، خلو الحياة اليومية من أي شيء يمكن ان يزيد من قوة اندفاع الدم فى عروقك أو يسبب لك بعض الإثارة، سواء كانت إثارة محبوبة أو مكروهة، يضعف ميلك إلى اتخاذ قرار بالجلوس للقراءة أو الاستماع إلى موسيقى . إذ ما هي المشكلة التى تريد أن تجد لها حلا فى الكتب؟ ومن اى نوع من انواع القلق او التعب تريدأن تتخلص بالاستماع الى موسيقى بيانو هادئة؟ وأى غضب تشعر به قد تساعدك على تهدئته سيمفونية من السيمفونيات؟ جلال أمين
اقتباسات أخرى للمؤلف