ليس صحيحا الظن بأن الخطر الذي يهدد الحرية الفردية واستقلال الرأي إنما يأتي فقط من ازدياد قوة الدولة،كما يظهر مثلا في رواية 1984 ، بل قد يأتي أيضا من ازدياد قوة الشركات وأرباب الأعمال الذي قد يؤدي إلى ازدياد سلطان الدولة. لم أتحمس قط إذن لما يسمى بالديمقراطية الأمريكية بل وجدت فيها الكثير من الزيف والإدعاء،إذ اعتبرت أن أقل أنواع النظم حرية وديمقراطية هي تلك التي يظن فيها الناس بأنهم أحرار ويتمتعون باستقلال الرأي والفكر دون أن يكونوا في الحقيقة كذلك. بل اعتبرت أن مصر وأمثالها،مما شاع اعتبار نظام الحكم فيها شموليا،وهو بالفعل كذلك،قد ينعم أهلها بدرجة أكبر من الاستقلال وحرية التعبير عن النفس،مما يتمتع به الأمريكيون،لمجرد أن المصريين لا يعتريهم أي شك في أي وقت في زيف ما يزعمه نظامهم من ديمقراطية،ولا تثير فيهم الدعابة السياسية من خلال وسائل الإعلام إلا السخرية المعلنة أو الصامتة،بينما يبدي الأمريكيون استعدادا مدهشا لقبول ما تقوله لهم وسائل الإعلام . جلال أمين