الرعب الأكبر هو الوحشة ، كما لأونامونو ، حين أفقد الصلة مع الأنت ، كما للإنسان البدائى ، الذى يحب أن يخاطب الأنت . الحوار مع الله ، مع الحبيب ، مع الوهم - هو الهواء و الماء . ماذا أنا؟ مبتورة ، ناقصة ، أبحث عن مكملى فى الأنت . لا أنسى صداعى إلا على صوتك . كيف يكون الصوت موسيقى و رعداً و ريحاً و فحيحاً و جنة و غابات و ادغالاً ، أرى بأذنى و شفتى و احشائى و اطفو على بحار عميقة ساكنة فسيحة و تطلع الشمس حمراء و صفراء ، ينزف دماً على التلال و ذهباً على الأنهار و جسدى ماء و لهيب بصوتك و لذتك و شهوتك . ما أرعب الوحشة إذا انفطع الحوار - معك ، مع الله ، مع الوهم . لا أريد ذلك . و لكن لا أستطيع التنفس بدونه ، قفص ، زنزانة ، و عصفورة لا تغنى إلا اذا أحاطت بها جدرانك العالية الصماء ، و جسدى صراخ كالغناء ، كالموت كالرعب كالتيارات الجارفة . أسمع ضحكاً فى داخلى و لا أستطيع أن أضحك . سأفتح النافذة و أصيح للغيوم الراكضة . جبرا إبراهيم جبرا
اقتباسات أخرى للمؤلف