الإيجابية الحقيقية، التي يمكن أن توظف في سياق إيجابي، ليست تلك التي تجعلك تتعايش مع الواقع السيء عبر الاقتناع أنه ليس سيئًا جدًا، بل أنه مليء بالإيجابيات ليسهل ذلك تأقلمك معه، هذه ليست إيجابية، هذه فقط آلية إنكار، حبة مسكن للألم، حقنة مخدرة تجعل الألم أقل.. الإيجابية الحقيقية هي التي تنطلق من حقيقة أن الواقع سيءٌ جدًا، و أنه مليء بالظلم و القهر و التمييز و الجهل و كل ما هو سلبي و سيء.. لكنها تنطلق من هذه الحقيقة لا لكي تتجه للنواح و الندب و اليأس، بل لكي تؤكد أن ذلك كله مع سلبيته ليس قدرًا مقدورًا، ليس حتمًا مقضيًا، بل هو شيء يمكن تغييره، شيء يمكن العمل عليه و على إزالته و استئصاله من جذوره إذا كان الخطأ من أساسه، و على تشذيبه و ترميمه إذا كان الخطا ناتجًا عارضًا.. الإيجابية هي أن تعترف أن الواقع- أحيانًا، على الأقل- سيء جدًا، و أن العالم -أحيانًا أيضًا- هو عالم لا يطاق.. لكن الأمر هنا، هو أن تؤمن، أن ذلك كله ليس نهاية الأمر.. ليس مرساه.. بل أن تؤمن أنك تطيق تغيير هذا العالم.. مهما كان ذلك صعبًا.. مهما بدا ذلك شاقًا.. يجب أن تؤمن أنه ليس مستحيلاً.. و لو بعد حين. أحمد خيري العمري