أن الأمم قد تصاب بمرض فقدان المناعة الخلقية كما تصاب الأجسام بمرض فقدان المناعة الصحية! وفى كلتا الحالتين يمسى الكيان البشرى مفتوح الأقطار لكل البلايا التى تعجل بحتفه! وفقدان المناعة النفسية أو الخلقية يعود إلى ضعف التربية أو سوء التنشئة ونمو الطفل وهو محروم من ضوابط الخلق الزاكى والعبادة السامية والعادات والتقاليد التى تحرس عقله وتصون مسلكه وتشعره بأن هذا حسن يستمسك به، وهذا ردئ يبتعد عنه، وهذا امرؤ فاضل يحترم وهذا امرؤ فاشل يزدرى... والأسرة بلا ريب هى المهاد الأول لهذا التكوين الأدبى، إن الإنجاب المجرَّد ليس وظيفة الأسرة، فإن الدواب والطيور والزواحف تتناسل وتتكاثر، وميزة البشر أنهم يلدون ويعلمون ويربون، وعندما تفقد الأسرة قدرتها على حماية الطفولة وتزويدها بالخصائص الرفيعة فلا قيمة لنتاجها.
محمد الغزالي