وتنشئة الأولاد في البادية، ليمرحوا في كنف الطبيعة، ويتسمتعوا بجوها الطلق وشعاعها المرسل، أدنى إلى تزكية الفطرة، وإنماء الأعضاء والمشاعر، وإطلاق الأفكار والعواطف. إنها لتعاسة أن يعيش أولادنا في شقق ضيقة من بيوت متلاصقة كأنها علب أغلق على من فيها، وحرمتهم لذة التنفس العميق والهواء المنعش. ولا شك أن اضطراب الأعصاب الذي قارن الحضارة الحديثة يعود - فيما يعود إليه - إلى البعد عن الطبيعة، والإغراق في التصنع. ونحن نقدر لأهل مكة اتجاههم إلى البادية لتكون عرصاتها الفساح مدارج طفولتهم. وكثير من علماء التربية يود لو تكون الطبيعة هي العهد الأول للطفل حتى تتسق مداركه مع حقائق الكون الذي وجد فيه. ويبدو أن هذا حلم عسر التحقيق.
محمد الغزالي